ينتقم لهم من أعدائه ويعليهم بعلائه، ولذلك قال مستأنفاً جواباً لمن يقول: فما فعل بهم؟ مؤكداً لإنكار الكفار ذلك: ﴿إن الذين فتنوا﴾ أي خالطوا من الأذى بما لا تحتمله القوى فلا بد أن يميل أو يحيل في أي زمان كان ومن أي قوم كانوا ﴿المؤمنين والمؤمنات﴾ أي ذوي الرسوخ في وصف الإيمان.
ولما كانت التوبة مقبولة قبل الغرغرة ولو طال الزمان، عبر بأداة التراخي فقال: ﴿ثم لم يتوبوا﴾ أي عن ذنوبهم وكفرهم. ولما كان سبحانه لا يعذب أحداً إلا بسبب، سبب عن ذنبهم وعدم توبتهم قوله: ﴿فلهم﴾ أي خاصة لأجل كفرهم ﴿عذاب جهنم﴾ أي الطبقة التي تلقى داخلها بغاية الكراهة والتجهم، هذا في الآخرة ﴿ولهم﴾ أي مع ذلك في الدارين لأجل فتنتهم لأولياء الله ﴿عذاب الحريق *﴾ أي العذاب الذي من شأنه المبالغة في الإحراق بما أحرقوا من قلوب الأولياء، وقد صدق سبحانه قوله هذا فيمن كذب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإهلاكهم شر إهلاك مغلوبين مقهورين مع أنهم كانوا قاطعين بأنهم غالبون كما فعل بمن كان قبلهم، فدل ذلك على أنه على كل شيء قدير، فدل على أنه يبدىء ويعيد.