أي الظفر بجميع المطالب لا غيره ﴿الكبير *﴾ كبراً لا تفهمون منه أكثر من ذكره بهذا الوصف على سبيل الإجمال، وذلك أن من كبره أن هذا الوجود كله يصغر عن أصغر شيء منه.
ولما كان لا يثيب ويعذب على هذا الوجه إلا من كان في غاية العظمة، قال معللاً لفعله ذلك دالاً بذلك التعلل على ما له من العظمة التي تتقاصر الأفكار دون عليائها، مؤكداً لما للأعداء من الإنكار: ﴿إن بطش ربك﴾ أي أخذ المحسن إليك المدبر لأمرك أعداء الدين بالعنف والسطوة وغاية الشدة ﴿لشديد *﴾ أي شدة يزيد عنفها على ما في البطش من العنف المشورط في تسميته، فهو عنف مضاعف.
ولما كان هذا البطش لا يتأتى إلا لكامل القدرة، دل على كمال قدرته واختصاصه بذلك بقوله مؤكداً لما لهم من الإنكار: ﴿إنه﴾ وزاد التأكيد بمبتدأ آخر ليدل على الاختصاص فقال: ﴿هو﴾ أي وحده ﴿يبدىء﴾ أي يوجد ابتداء أي خلق أراد على أي هيئة أراد ﴿ويعيد *﴾ أي ذلك المخلوق بعد إفنائه في أي وقت أراده، وغيره لا يقدر على شيء من ذلك، وليس هذا الضمير بفصل لأنه لا يكون إلا والخبر لا يكون إلا معرفة، أو شبيه بها في أنه لا يلحقه «أل» المعرفة مثل خير منك، وأجاز المازني وقوعه قبل المضارع لمشابهته الاسم وامتناع دخول «أل» عليه