لا ينازع أصلاً في اختصاصه به تشريفاً له وتنبيهاً على أنه أعظم المخلوقات: ﴿ذو العرش﴾ أي العز الأعظم أو السرير الدال على اختصاصه الملك بالملك وانفراده بالتدبير والسيادة والسياسة، الذي به قوام الأمور ﴿المجيد *﴾ أي الشريف الكريم العظيم في ذاته وصفاته الحسن الجميل الرفيع العالي الكثير العطاء - هذا إذا رفع على أنه صفة ل «ذو» وكذا إن جر على أنه صفة للعرش في قراءة حمزة والكسائي.
ولما كان الاختصاص يدل قطعاً على كمال القدرة، أنتج ذكر هذه الاختصاصات قوله: ﴿فعّال﴾ أي على سبيل التكرار والمبالغة ﴿لما يريد *﴾ لا يؤده شيء من الأفعال سواء كانت منسوبة إليه من غير واسطة أو نسبت في الظاهر إلى غيره. ولما تمت الدلالة على أن بطشه شديد، قرره بما وجد من ذلك وذكره به تخويفاً وتسلية له لأن النظر في المحسوسات أمكن في النفوس فقال: ﴿هل أتاك﴾ أي يا أعظم خلقنا ﴿حديث الجنود *﴾ أي اذكر ما أتاك مما حدث لهم من بطشنا وما وقع بهم من سطواتنا لتكذيبهم رسلنا عليهم أفضل الصلاة والسلام بحيث صار حديثاً يتلى، وذكراً بين الخلق لعظمته لا يبلى، والجنود جمع جند بالضم وهو العسكر المعد للقتال والأعوان والمدينة، والكل ناظر إلى النجدة العظيمة والغلبة الزائدة.
ولما كان المعلوم من السياق أن المراد من حديثهم ما حصل لهم


الصفحة التالية
Icon