لسالك الطريق، واختص عرفاً بالآتي ليلاً لأنه يجد الأبواب مغلقة فيحتاج إلى طرقها، ثم استعمل للبادي فيه كالنجم.
ولما كان الطارق يطلق على غير النجم أبهمه أولاً ثم عظم المقسم به بقوله: ﴿وما أدراك﴾ أي عرفك يا أشرف خلقنا عليه الصلاة والسلام وإن حاولت معرفة ذلك وبالغت في الفحص عنه ﴿ما الطارق *﴾ ثم زاده تهويلاً بتفسيره بعد إبهامه مرة أخرى بقوله تعالى: ﴿النجم الثاقب *﴾ أي المتوهج العالي المضيء كأنه يثقب الظلام بنوره فينفذ فيه، يقال: أثقب نارك للموقد، أو يثقب بضوئه الأفلاك فتشف عنه، أو يثقب الشيطان بناره إذا استرق السمع، والمراد الجنس أو معهود بالثقب وهو زحل، عبر عنه أولاً بوصف عام ثم فسره بما يخصه تفخيماً لشأنه لعلو مكانه.
ولما ذكر الذي دل به على حفظ القرآن عن التلبيس وعلى حفظ الإنسان، ذكر جوابه في حفظ النفوس التي جعل فيها قابلية لحفظ القرآن في الصدور، ودل على حفظ ما خلق لأجلها من هذه الأشياء المقسم بها على حفظ الإنسان لأنها إذا كانت محفوظة عن أدنى زيغ وهي مخلوقة لتدبير مصالحه فما الظن به؟ فقال مؤكداً غاية التأكيد لما للكفرة من إنكار ذلك والطعن فيه


الصفحة التالية
Icon