والعيون بدءاً وإعادة دلالة ظاهرة على البعث، فجمع بالقسم العالم العلوي الذي هو كالرجل والسفلي الذي هو كالمرأة، فكما أن الرجل يسقيها من مائه فتصدع عن الولد، فكذلك السماء تسقي الأرض فتتصدع عن النبات وكما أنها تتصدع عن النبات بعد فنائه وصيرورته رفاتاً فيعود كما كان فكذلك تتصدع عن الناس بعد فنائهم فيعودون كما كانوا بإذن ربها من غير فرق أصلاً.
ولما كانت هذه كلها براهين قاطعة ودلائل باهرة ساطعة على حقية القرآن وإتيانه بأعلى البيان، فكان من المستبعد جداً طعنهم في القرآن بعد هذا البيان، قال تعالى منبهاً على ذلك بالتأكيد معبراً بالضمير إشارة لما مضى إلى أنه المحدث عنه الآن، فهو الثابت في جميع الأذهان لا غيبة له عن شيء منها أصلاً ﴿إنه﴾ أي القرآن الذي أخبر بهذه الإخبارات التي هي في غاية الوضوح وتقدم أنه مجيد وفي لوح محفوظ، وأن الكفرة في تكذيب به ولا سيما ما تضمن منه الإخبار بالبعث: ﴿لقول فصل *﴾ أي جداً يراد به فصل الأمور، وله من العراقة في الفرق بين الحق والباطل ما صار به يطلق عليه نفس الفصل، ثم أكد الأمر لشدة إنكارهم وجحدهم وتغطيتهم الحق بالباطل فقال: ﴿وما هو﴾


الصفحة التالية
Icon