أي أوجد من العدم أي له صفة الإيجاد لكل ما أراده لا يعسر عليه شيء ﴿فسوّى﴾ أي أوقع مع الإيجاد وعقبه التسوية في كل خلق بأن جعل له ما يتأتى معه كماله ويتم معاشه، وعدل بين الأمزجة الأربعة الماء والهواء والنار بعد أن قهرها على الجمع مع التضاد لئلا تتفاسد، وذلك بالعلم التام والقدرة الكاملة دلالة على تمام حكمته وفعله بالاختيار.
وقال الاستاذ أبو جعفر بن الزبير: لما قال سبحانه وتعالى مخبراً عن عمه الكفار في ظلام حيرتهم ﴿إنهم يكيدون كيداً﴾ [الطارق: ١٥] وكان وقوع ذلك من العبيد المحاط بأعمالهم ودقائق أنفاسهم وأحوالهم من أقبح مرتكب وأبعده عن المعرفة بشيء من عظيم أمر الخالق جل جلاله وتعالى علاؤه وشأنه، أتبع سبحانه ذلك بأمر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتنزيه ربه الأعلى عن شنيع اعتدائهم وافك افترائهم، فقال ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ [الأعلى: ١] أي نزهه عن قبيح مقالهم، وقدم التنبيه على التنزيه في أمثال هذا ونظائره ووقوع ذلك أثناء السور فيما بين سورة وأخرى، وأتبع سبحانه وتعالى من التعريف بعظيم قدرته وعليّ حكمته بما يبين ضلالهم فقال ﴿الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى﴾ [


الصفحة التالية
Icon