أدل المخلوقات على البعث قال: ﴿والذي أخرج﴾ أي أوقع إخراج ﴿المرعى *﴾ بما أنزل من المعصرات فأنبت ما ترعاه الدواب من النجم وغيره بدءاً وإعادة، فدل ذلك على تمام قدرته لا سيما على البعث لأنه سبحانه وتعالى أقدر على جمع الأموات من الأرض بنفسه بعد أن تفتتوا من الماء على جمعه للنبات الذي كان تفتت في الأرض وصار تراباً وإخراجه كما كان في العام الماضي بإذنه سبحانه وتعالى وهو خلق من مخلوقاته.
ولما كان إيباسه وتسويده بعد اخضراره ونموه في غاية الدلالة على تمام القدرة وكمال الاختيار بمعاقبة الأضداد على الذات الواحدة قال تعالى: ﴿فجعله﴾ أي بعد أطوار من زمن إخراجه ﴿غثاء﴾ أي كثيراً، ثم أنهاه فأيبسه وهشمه ومزقه فجمع السيل بعضه إلى بعض فجعله زبداً وهالكاً وبالياً وفتاتاً على وجه الأرض ﴿أحوى *﴾ أي في غاية الري حتى صار أسود يضرب إلى خضرة، أو أحمر يضرب إلى سواد، أو اشتدت خضرته فصارت تضرب إلى سواد، وقال القزاز رحمه الله في ديوانه: الحوة شية من شيات الخيل، وهى بين الدهمة والكمتة، وكثر هذا حتى سموا كل أسود أحوى - انتهى. فيجوز أن يريد حينئذ أنه أسود من شدة يبسه فحوته الرياح وجمعته من كل أوب


الصفحة التالية
Icon