لأن هذا مقامه، وذكره بوصفه معبراً عنه بالاسم الدال على إحاطة علمه به فقال: ﴿يعلم الجهر﴾ أي ثابت له هذا الوصف على سبيل التجدد والاستمرار في الإقراء والقراءة وغيرهما. ولما ذكره باسمه ليدل على أنه يعلمه مطلقاً لا بقيد كونه جهراً، قال مصرحاً بذلك: ﴿وما يخفى *﴾ أي يتجدد خفاؤه من القراءة وغيرها على أي حالة كان الإخفاء، فيدل على علمه به إذا جهر به بطريق الأولى.
ولما ذكر الإلهيات والنبوة وأشير إلى النسخ، أشار إلى أن الدين المشروع له هو الحنيفية السمحة، وأنه سبحانه وتعالى لا يقيمه في شيء بنسخ أو غيره إلا كان هو الأيسر له والأرفق، لأن الرفق والعنف يتغيران بحسب الزمان، فقال مبيناً للقوة العملية أثر بيانه للعلمية: ﴿ونيسرك﴾ أي نجعلك أنت مهيأ مسهلاً مليناً موفقاً ﴿لليسرى *﴾ أي في حفظ الوحي وتدبره وغير ذلك من الطرائق والحالات كلها التي هي لينة سهلة خفيفة - كما أشار إليه قوله: «كل ميسر لما خلق له» ولهذا لم يقل: ونيسر لك، لأنه هو مطبوع على حبها.
ولما كمله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهيأه سبحانه وتعالى للأيسر ويسره غاية التيسير، سبب عنه وجوب التذكير لكل أحد في كل حالة


الصفحة التالية
Icon