وربك فكبر} [المدثر: ٢ - ٣] أتبعت في الأولى بقوله: ﴿فاصبر على ما يقولون﴾ [المزمل: ١٠] وفي الثانية بقوله ﴿ولربك فاصبر﴾ [المدثر: ٧] وكل ذلك قصد واحد، واتبع أمره بالصبر في الزمل بتهديد الكفار ووعيدهم ﴿وذرني والمكذبين﴾ [المزمل: ١١] الآيات، وكذلك في الأخرى ﴿ذرني ومن خلقت وحيداً﴾ [المدثر: ١١] الآيات، فالسورتان واردتان في معرض واحد وقصد متحد - انتهى.
ولما كان تنزيه العبد عن الأدناس لأجل تنزيه المعبود، قال آمراً بتطهير الظاهر والباطن باستكمال القوة النظرية في تعظيمه سبحانه ليصلح أن يكون من أهل حضرته وهو أول مأمور به من رفض العادات المذمومة: ﴿وثيابك فطهر *﴾ أي وقم فخص ثيابك الحسية بإبعادها عن النجاسات بمجانبة عوائد المتكبرين من تطويلها، وبتطهيرها لتصلح للوقوف في الخدمة بالحضرة القدسية، والمعنوية وهي كل ما اشتمل على العبد من الأخلاق المذمومة والعوائد السقيمة من الفترة عن الخدمة والضجر والاسترسال مع شيء من عوائد النفس، وذلك يهون باستكمال القوة النظرية.
ولما أمر بمجانبة الذر في الثياب وأراد الحسية والمعنوية، وكان ذلك ظاهراً في الحسية، وجعل ذلك كناية عن تجنب الأقذار كلها لأن من جنب ذلك ملبسه أبعده عن نفسه من باب الأولى،