لأنه مع أنه لا تردد فيه ولا افتراء طابق الواقع، فلم يزد بعد ذلك شيئاً، بل لم يزل في نقصان حتى هلك وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً، لا مبدل لكلماته ﴿كلا﴾ أي وعزتنا وجلالنا لا تكون له زيادة على ذلك أصلاً، وأما النقصان فسيرى إن استمر على تكذيبه فليرتدع عن هذا الطمع، وليزدجر وليرتجع، فإنه حمق محض وزخرف بحت، وغرور صرف، ولما ردعه هذا الردع المقتضي ولا بد للإذعان وصادق الإيمان ممن لم يستول عليه الحرمان، علله بقوله مؤكداً لإنكارهم العناد والمعاد: ﴿إنه﴾ أي هذا الموصوف ﴿كان﴾ بخلق كأنه جبلة له وطبع لا يقدر على الانفكاك عنه ﴿لآياتنا﴾ على ما لها من العظمة خاصة لكونها هادية إلى الوحدانية، لا لغيرها من الشبه القائدة إلى الشرك ﴿عنيداً *﴾ أي بالغ العناد على وجه لا يعد عناده لغيرها بسبب مزيد قبحه عناداً، والعناد - كما قال الملوي: من كبر في النفس أو يبس في الطبع أو شراسة في الأخلاق أو خبل في العقل، وقد جمع ذلك كله إبليس، لأنه خلق من نار. وهي من طبعها اليبوسة وعدم الطواعية، وحقيقته ميل عن الجادة، ومجاوزة للحد مع الإصرار واللزوم، ومنه مخالفة الحق مع المعرفة بأنه حق.
ولما كان هذا محراً للتشوف إلى بيان هذا الردع، وكان العناد غلظة في الطبع وشكاسة في الخلق يوجب النكد والمشقة جعل