البسور هيئة في الوجه تدل على تحزن في القلب.
ولما كان هذا النظر على هذا الوجه أمدح شيء للمنظور فيه إذا لم يوصل منه إلى طعن، وكان ظاهره إنه لتطلب الحق، فكان الإصرار معه على الباطل في غاية البعد، قال دالاً على ذلك من المدح وعدم وجدان الطعن معبراً بأداة البعد: ﴿ثم﴾ أي بعد هذا التروي العظيم ﴿أدبر﴾ أي عما أداه إليه فكره من الإيمان بسلامة المنظور فيه وعلوه عن المطاعن، فحاد عن وجوه الأفكار إلى أقفائها ﴿واستكبر *﴾ أي وأوجد الكبر عن الاعتراف بالحق إيجاد من هو في غاية الرغبة فيه، وكان هذا غاية العناد، فكان معنى العنيد ﴿فقال﴾ أي عقب ما جره إليه طبعه الخبيث من إيقاع الكبر على هذا الوجه لكونه رآه نافعاً لهم في الدنيا ولم يفكر في عاقبة ذلك من جهة الله، وأنه سبحانه لا يهدي كيد الخائنين ولا ينجح مراد الكاذبين، ونحو هذا مما جربوه في دنياهم فكيف رقى نظره إلى أمر الآخرة، وأكد الكلام لما يعلم من إنكار من يسمعه فقال: ﴿إن﴾ أي ما ﴿هذا﴾ أي الذي أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿إلا سحر﴾ أي أمور تخييلية لا حقائق لها، وهي لدقتها بحيث تخفى أسبابها.
ولما كان من المعلوم لهم أن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما سحر قط ولا تعلم سحراً، فكان من ادعى ذلك علم كذبه بأدنى نظر بعد