قال: ثكلتكم أمهاتكم، أسمع ابن أبي كبشة يقول كذا وأنتم ألدهم، أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم، فقال أبو الأشد بن أسيد بن كلدة الجمحي - وكان شديد البطش: أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين، وهذا كله على سبيل الاستهزاء، فإنهم مكذبون بالبعث الذي هذا من آثاره، وكان في علم أهل الكتاب أن هذه العدة عدتهم، وأن العرب إذا سمعوا هذه العدة كانت سبباً للشك أكثرهم وموضعاً للتعنت، فلذلك علق بالفتنة أو ب «جعلنا» قوله: ﴿ليستيقن﴾ أي يوجد اليقين إيجاداً تاماً كأنه بغاية الرغبة ﴿الذين أوتوا الكتاب﴾ بناه للمفعول لأن مطلق الإيتاء كاف في ذلك من غير احتياج إلى تعيين المؤتي مع أنه معروف أنه هو الله، قال البغوي: مكتوب في التوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر. ﴿ويزداد الذين آمنوا﴾ أي أوجدوا هذه الحقيقة ولو على أدنى الوجوه إلى ما عندهم من الإيمان ﴿إيماناً﴾ بتصديق ما لم يعلموا وجه حكمته لا سيما مع افتتان غيرهم به وكثرة كلامهم فيه، فإن الإيمان بمثل ذلك يكون أعظم.
ولما أثبت لكل من الجاهل والعالم ما أثبت، أكده بنفي ضده مبيناً للفتنة فقال: ﴿ولا يرتاب﴾ أي يشك شكاً يحصل بتعمد وتكسب ﴿الذين أوتوا الكتاب﴾ لما عندهم من العلم المطابق لذلك، قال ابن برجان: وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «إن قوماً من أهل