والتنبيه: ﴿كلا﴾ أي إياك أن ترتاب في أهوالها وعظيم أمرها وأحوالها وأوجالها لأن الأمر أطم وأعظم مما يخطر بالبال، فليرتدع السامع ولينزجر.
ولما حصر أمرها في الذكرى ونفى أن يظن بها نقص فيما جعلت له تأكيداً للكلام إشارة إلى ما لأغلب المخاطبين من الشكاسة والعوج إيقاظاً مما هم فيه من الغفلة وتلطيفاً لما لهم من اللوم والكثافة وتنبيهاً لهم على السعي في تقويم أنفسهم بما يستعملونه من الأدوية التي يرشدهم سبحانه إلى علاج أمراض القلوب بها، زاد الأمر تأكدياً فأقسم على ذلك بما هو ذكرى للناس ولا يظهر معه ظلام الليل كما أن ضياء القرآن لا يظهر معه ظلام الجهل من أعمل عين فكرته، وألقى حظوظ نفسه، فقال: ﴿والقمر *﴾ أي الذي هو آية الليل الهادية لمن ضل بظلامه ﴿واليل إذا أدبر *﴾ أي مضى فانقلب راجعاً من حيث جاء فانكشف ظلامه فزال الجهل بانكشافه، وانصرفت الريب والشكوك بانصرافه ﴿والصبح إذا أسفر *﴾ أقبل ضياؤه فجل العلم بحلوله، وحصلت الهداية بحصوله، أو دبر بمعنى «أقبل» قال قطرب: تقول العرب: دبرني فلان أي جاء خلفي.
ولما أقسم على ما أخبر به من ذكراها، وأكده لإنكارهم العظيم لبلاياها