سببه، استأنف بيان حالهم فقال: ﴿في جنات﴾ أي بساتين في غاية العظم لأنهم أطلقوا أنفسهم وفكوا رقابهم فلم يرتهنوا، فالآية من الاحتباك: أثبت أولاً الارتهان دليلاً على حذف ضده ثانياً، وأثبت ثانياً الجنة دليلاً على حذف ضدها أولاً.
ولما كان السؤال عن حال الغير دالاً دلالة واضحة على الراحة والفراغ عن كل ما يهم النفس، عبر عن راحتهم في أجل وعظ وألطف تحذير بقوله: ﴿يتساءلون *﴾ أي فيما بينهم يسأل بعضهم بعضاً ﴿عن المجرمين *﴾ أي أحوال العريقين في قطع ما أمر الله به أن يوصل.
ولما كان يوم القيامة في غاية الصعوبة وكان أحد مشغولاً بنفسه، فكان لا علم له بتفاصيل ما يتفق لغيره، وكان أولياء الله إذا دخلوا دار كرامته أرادوا العلم بما فعل بأعدائهم فيه سبحانه، فتساءلوا عن حالهم فقال بعضهم لبعض: لا علم لنا، فكشف الله - لهم عنهم حتى رأوهم في النار وهي تسعر بهم ليقر الله أعينهم بعذابهم، زيادة في نعيمهم وثوابهم، كما تقدم في الصافات عند قوله ﴿قال قائل منهم إني كان لي قرين﴾ [الصافات: ٥١] وكان بساط - الكلام دالاً على هذا كله، أشار لنا سبحانه إليه بقوله حكاية عما يقول لهم أولياؤهم توبيخاً