﴿مع الخائضين *﴾ بحيث صار لنا هذا وصفاً راسخاً فنقول في القرآن: إنه سحر، وإنه شعر، وإنه كهانة وغير هذا من الأباطيل، لا نتورع عن شيء من ذلك، ولا نقف مع عقل، ولا نرجع إلى صحيح نقل، فليأخذ الذين يبادرون إلى الكلام في كل ما يسألون عنه من أنواع العلم من غير تثبت منزلتهم من هنا.
ولما كان الإدمان على الباطل يجر إلى غلبة الهزء والسخرية، وغلبه ذلك ولا بد توجب إفساد القوة العلمية بتصديق الكذب وتكذيب الصدق، قالوا بياناً لاستحبابهم الخلود: ﴿وكنا نكذب﴾ أي بحيث صار لنا ذلك وصفاً ثابتاً ﴿بيوم الدين *﴾ ولما كان التقدير: واستمر تكذيبنا لصيرورته لنا أوصافاً ثابتة. بنوا عليه قولهم: ﴿حتى أتانا﴾ أي قطعاً ﴿اليقين *﴾ أي بالموت أو مقدماته التي قطعتنا عن دار العمل فطاح الإيمان بالغيب.
ولما أقروا على أنفسهم بما أوجب العذاب الدائم، فكانوا ممن فسد مزاجه فتعذر علاجه، سبب عنه قوله: ﴿فما تنفعهم﴾ أي في حال اتصافهم بهذه الصفات وهي حالة لازمة لهم دائماً ﴿شفاعة الشافعين *﴾ أي لو شفعوا فيهم. ولما كان هذا الإخبار بنعيم المنعم وعذاب المعذب


الصفحة التالية
Icon