بغاية الرغبة فيه حتى كأنها تطلبه من أنفسها لأنه من شأنها وطبعها - هذا على قراءة الجماعة، وقرأ أهل المدينة والشام بالفتح بمعنى أنه نفرها منفر.
ولما كان ذلك لا يكون إلا لسبب عظيم يتشوف إليه، استأنف قوله: ﴿فرت من قسورة *﴾ أي أسد شديد القسر عظيم القهر فنشبت في حبائل سقر أو صيادين.
ولما كان الجواب قطعاً: لا شيء لهم في إعراضهم هذا، أضرب عنه بقوله: ﴿بل يريد﴾ أي على دعواهم وبزعمهم ﴿كل امرىء منهم﴾ أي المعرضين، مع ادعائه الكمال في المروءة ﴿أن يؤتى﴾ أي من السماء بناه للمفعول لأن مرادهم معروف ﴿صحفاً﴾ أي قراطيس مكتوبة ﴿منشرة *﴾ أي كثيرة جداً وكل واحد منها منشور لا مانع من قراءته وأخذه، وذلك أنهم قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لن نتبعك حتى تأتي كلاًّ منا بكتاب من السماء فيه: من الله إلى فلان اتبع محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما كان ذلك إنما هو تعنت، لا أنه على حقيقته قال: ﴿كلا﴾ أي ليس لهم غرض في الاتباع بوجه من الوجوه لا بهذا الشرط ولا بغيره: ﴿بل﴾ علتهم الحقيقية في هذا الإعراض أنهم ﴿لا يخافون﴾ أي في زمن من الأزمان ﴿الآخرة *﴾ ولما كان


الصفحة التالية
Icon