الكفر ﴿وكنا نكذب بيوم الدين﴾ [المدثر: ٤٦] ثم تقدم في صدر السورة قوله تعالى: ﴿فإذا نقر في الناقور﴾ [المدثر: ٨] إلى قوله: ﴿غير يسير﴾ [المدثر: ٩] والمراد به يوم القيامة، والوعيد به لمن ذكر بعد في قوله ﴿ذرني ومن خلقت وحيداً﴾ [المدثر: ١١] الآيات ومن كان على حاله في تكذيب وقوع ذلك اليوم، ثم تكرر ذكره عند جواب من سئل بقوله ﴿ما سلككم في سقر﴾ [المدثر: ٤٢] فبسط القول في هذه السورة في بيان ذكر ذلك اليوم وأهواله، وأشير إلى حال من كذب به في قوله تعالى ﴿يسأل أيان يوم القيامة﴾ [القيامة: ٦] وفي قوله تعالى: ﴿أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه﴾ [القيامة: ٣] ثم أتبع ذلك بذكر أحوال الخلائق في ذلك اليوم ﴿ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر﴾ [القيامة: ١٣] انتهى.
ولما أسند الحسبان إلى النوع لأن منهم من يقول: لا نبعث لأننا نتفتت وننمحق، قال مجيباً له: ﴿بلى﴾ أي لنجمعن عظامه وجمع أجزائه لأنا قدرنا على تفصيل عظامه وتفتيتها من بعد ارتتاقها حال كونها نطفة واحدة لأن كل من قدر على التفصيل قدر على الجمع والتوصيل حال كوننا ﴿قادرين﴾ أي لما لنا من العظمة ﴿على أن﴾.
ولما كانت تسوية الصغير أصعب، قال: ﴿نسوي بنانه *﴾ أي أصابعه أو سلامياته وهي عظامه الصغار التي في يديه ورجليه كل منها طول إصبع وأقل، خصها لأنها أطرافه وآخر ما يتم به خلقه بأن نجمع بعضها إلى بعض على ما كانت عليه قبل الموت سواء، فالكبار


الصفحة التالية
Icon