فيه على غير ما نعهده في الدنيا من وجدان مهرب أو حاكم غير الذي يخافه المطلوب أو شيء من تشعب الكلمة وتفرقها فقال: ﴿يقول الإنسان﴾ أي بشدة روعه جرياً مع طبعه ﴿يومئذ﴾ أي إذا كان هذا الخطب الأجل والقادح الأكبر، وحكى بيقول جملة اسمية من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر فقال: ﴿أين المفر *﴾ أي الفرار والموضع الذي إليه الفرار والزمان القابل لذلك، قول آيس مدهوش قاده إليه الطبع، وذلك حين تقاد جهنم بسبعين ألف سلسلة، كل سلسلة بأيد سبعين ألف ملك، لها زفير وشهيق.
ولما كان ذلك اليوم يوم انقطاع الأسباب، قال نافياً بما سال عنه بأداة الردع: ﴿كلا﴾ أي لا يقال هذا فإنه لا سبيل إلى وجود معناه وهو معنى ﴿لا وزر *﴾ أي ملجأ ومعتصم ولا حصن ولا التجاء واعتصام، وكون هذا من كلام الإنسان رجوعاً من طبعه إلى عقله أقعد وأدل على الهول لأنه لا يفهم أنه بعد أن سأل من عظيم الهول نظر في جملة الأمر فتحقق أن لا حيلة بوجه أصلاً، فقال معبراً بالأداة الجامعة لمجامع الردع.
ولما كان المعنى: لا مفر من الله إلا إليه، لأن ملكه محيط وقدرته شاملة، قال مترجماً عنه ذاكراً صفة الإحسان لوماً لنفسه على عدم الشكر: ﴿إلى ربك﴾ أي المحسن إليك بأنواع الإحسان وحده، لا