بغير حسن التلقي إبعاداً له عن قول البشر وتمهيداً بما يحرك من لسانه بالقرآن قبل تمام الإلقاء لذم ما طبع عليه الإنسان: ﴿لا تحرك به﴾ أي القرآن الذي هو تذكرة من شاء ذكره لولا حجاب المشيئة، وقد كشف سبحانه وتعالى حجاب المشيئة لهذا النبي الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشاء أن يذكره حين قال
﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله﴾ [الإنسان: ٣٠] لأنه ما نزله إليه بغير اكتساب منه إلا وقد شاء ذلك ﴿لسانك﴾ الذي ليست له حركة إلا في ذكر الله تعالى.
ولما لم يكن لهذا التحريك فائدة مع حفظ الله له على كل حال إلا قصد الطاعة بالعجلة، وكانت العجلة هي الإتيان بالشيء قبل أوانه الأليق به، وإن كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثاباً على ذلك أعظم الثواب لأنه لا حامل له عليه إلا حب الله وحب ما يأتي منه، وجعلها الله سبحانه وتعالى علة وإن لم تكن مقصودة فقال: ﴿لتعجل به﴾ أي بحمله وأخذه قبل أن يفرغ من إلقاءه إليك رسولنا جبريل عليه الصلاة والسلام مخافة أن ينفلت منك، لأن هذه العجلة وإن كانت من الكمالات بالنسبة إليك وإلى إخوانك من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما قال موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿وعجلت إليك رب لترضى﴾ [طه: ٨٤]