ولما بدأ بما كان بداية له، ثنى بما هو نهاية له من حيث كونه يصير رأس الخلق فيصير محط الرجال في كل سؤال من علم ومال، فقال مقدماً له اهتماماً به إشارة إلى أنه جبر الخواطر واستئلاف الخلق من أعظم المقاصد في تمام الدين: ﴿وأما السائل﴾ أي الذي أحوجته العيلة أو غيرها إلى السؤال ﴿فلا تنهر *﴾ أي تزجر زجراً مهيناً، فقد علمت مضاضة العيلة، بل أعطه ولو قليلاً، أو رده رداً جميلاً، وكذا السائل في العلم.
ولما ذكر له تفصيل ما يفعل في اليتيم والفقير والجاهل، أمره بما يفعل في العلم الذي آتاه إياه إعلاماً بأنه الآلة التي يستعملها في الأمرين الماضيين وغيرهما لأنها أشرف أحوال الإنسان وهي أوفق الأمور لأن يكون مقطع السورة لتوافق مطلعها فقال: ﴿وأما بنعمة ربك﴾ أي الذي أحسن إليك بإصلاح جميع ما يهمك من العلم وغيره وبالهجرة ومبادئها عند تمام عدد آيها من السين وهي إحدى عشرة ﴿فحدث *﴾ أي فاذكر النبوة وبلغ الرسالة فاذكر جميع نعمه عليك فإنها نعم على الخلق كافة، ومنها إنقاذك بالهجرة من أيدي الكفرة وإعزازك بالأنصار، وتحديثك بها شكرها، فإنك مرشد يحتاج الناس إلى الاقتداء بك، ويجب عليهم أن يعرفوا لك ذلك ويتعرفوا مقدارك ليؤدوا


الصفحة التالية
Icon