من العسر، فإنه قضى سبحانه وتعالى قضاء لا يرتد أنه يخالف بين الأحوال، دليلاً قاطعاً على أنه تعالى وحده الفعال، وأن فعله بالاختيار، لا بالذات والإجبار.
ولما كان العسر مكروهاً إلى النفوس، وكان لله سبحانه وتعالى فيه حكماً عظيمة، وكانت الحكم لا تتراءى إلا للأفراد من العباد، كرره سبحانه وتعالى على طريق الاستئناف لجواب من يقول: وهل بعده من عسر؟ مؤكداً له ترغيباً في أمره ترقباً لما يتسبب عنه مبشراً بتكريره مع وحدة العسر وإن كان حمل كل واحد منهما على شيء غير ما قصد به الآخر ممكناً فقال: ﴿إن مع العسر﴾ أي المذكور فإنه معرفة، والمعرفة إذا أعيدت معرفة كانت غير الأولى سواء أريد العهد أو الجنس ﴿يسراً *﴾ أي آخر لدفع المضار والمكاره، فإن النكرة إذا أعيدت نكرة احتمل أن تكون غير الأولى، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنها غيرُها» فقال الحسن البصري: إن الآية لما نزلت قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أتاكم اليسر لن يغلب عسر يسرين» وقد روى هذا من أوجه كثيرة، وروى عبد الرزاق عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يخرجه» وللطبراني عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لو كان