تقدم يستوجب ذلك أو بعضه، ولو تقدم عمل لم يقع إلا بمشيئته، وتوفيقه وإرادته، ولا يستوجب أحد عليه شيئا، وإنما هو فضله يؤتيه من يشاء، فقال سبحانه وتعالى منبها على ما وقع الإيماء إلى بعضه) لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (ومع ذلك لا ينفعه وقوع صورته الظاهرة في عالم الشهادة على أكمل خلق ولأتم وضع بل إذا لم يصحبه توفيق وسبقته سعادة من خالقه ولم يجعل له نور يمشي به لم ير غير نفسه ولا عرف إلا أبناء جنسه، فقصر نظره على أول ما شاهد، ووقف عند ما عاين من غير اعتياد يحده إلى تحقق مآله وتبين جحاله أنه لم يكن شيئا مذكورا، فلما قصر وما أبصر اعتقد لنفسه الكمال، وعمي عن المبتدأ والمآل، فصار أسفل سافلين حيث لم ينتفع بالآيات نظره، ولا عرف حقيقة خبره) أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نظفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه) [يس: ٨٧ - ٨٧] ثم قال تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (فهم الذين هداهم ربهم) بإيمانهم (فجروا بسببه من خلقه في أحسن تقويم ن واستوضحوا الصراط المستقيم، واستبصروا فأبصروا، ونظروات فاعتبروا. وقالوا: ربنا الله ثم استقاموا، فلهم أجر غير ممنون - انتهى.