الله سبحانه وتعالى يبعث الخلائق بعد موتهم ليجازي كلاًّ بما عمل وإنكاراً على من كذبك: ما ﴿يكذبك﴾ أي أيّ شيء ينسبك إلى الكذب يا أشرف الخلق وأكملهم نفساً وأتقاهم عرضاً وأطهرهم خلقاً وخلقاً، وعبر ب «ما» إشارة إلى أن الكذب بهذا مع هذا الدليل القطعي الذي تضمنته هذه السورة في عداد ما لا يعقل بل دونه ﴿بعد﴾ أي بعد مشاهدة بغي بعض الناس على بعض استعمالاً لحال النكس، وأعراه من الجار إشارة إلى أن من آمن قبل الغرغرة واتصل إيمانه ذلك بموته كان ممن له أجر غير ممنون ﴿بالدين *﴾ أي الجزاء لكل أحد بما يستحقه على سبيل العدل والإنصاف لأجل تلك الأعمال التي غلبت فيها الحظوظ على العقول، فوقع بها من الظلم والأذى ما لا يسع عاقلاً من العباد أن يحسن عنده ترك فاعلها من غير جزاء حتى كان أكثر أفعال العباد ظلماً، ومن شأن الملوك الإنصاف بين عبيدهم ورعاياهم، فكيف بالله سبحانه وتعالى الذي شرع لعباده ذلك، وقد ثبت بما له من هذا الخلق العظيم، على هذا النظام المحكم والمنهاج الأقوم أنه الحكيم، الذي لا حكيم غيره، العليم الذي لا عليم سواه.


الصفحة التالية
Icon