قال الملوي: ولو كان شيء من العطاء والنعم أشرف من العلم لذكره عقب صفة الأكرمية - انتهى، وفي ذلك إشارة إلى مزيد كرم العلماء بالتعليم، وفي الآية الإشارة إلى مطالعة عالمي الخلق والأمر، قال الرازي، وفي كل من العالمين خصوص وعموم - انتهى، فالمعنى أنه يعلمك أيها النبي الكريم وإن كنت أمياً لا تعلم الآن شيئاً كما علم بالقلم من لم يكن يعلم، فتكون أنت - بما أشارت إليه صفة الأكرمية على ما أنت فيه من الأمية - أعلم من أهل الأقلام - وأعلى من كل مقام سام.
ولما كان الدم أكثر الأخلاط وأشدها هيجاناً، فإن مرضه لا يشبهه شيء من أمراض بقية الأخلاط، وكان مع ذلك سريع البرء إن أصيب علاجه وعولج بأمر قاهر أقوى منه، وكان العلم قرين الغنى في الأغلب، وكان زلة العالم تفوق زلة غيره، قال معرفاً بعد التعريف بالإلهيات بأمر النفس مبيناً لقسم الإنسان المردود أسفل سافلين مقرراً لحاله، ورادعاً له عن ضلاله: ﴿كلا﴾ أي ارتدع أيها العالم عن الطغيان إن نلت الغنى حقاً ﴿إن الإنسان﴾ أي هذا النوع الذي هو نوعك ومن شأنه الأنس بنفسه والنظر في عطفه ﴿ليطغى *﴾ أي من شأنه - إلا من عصمه الله سبحانه - أن يزيد على الحد الذي لا ينبغي له مجاوزته كما يزيد الخلط الدموي، وأكده لما لأكثر الخلق من التكذيب به فإنه لا طاغي يقر بأنه طغى ﴿أن﴾ أي لأجل أن ﴿رآه﴾ أي علم الإنسان نفسه