للإنسان من الكسل والتداعي إلى البطالة ما يزهده في ذلك: ﴿وما أدراك﴾ أي وأي شيء أعلمك وأنت شديد التفحص ﴿ما ليلة القدر *﴾ أي لم تبلغ درايتك وأنت أعلم الناس غاية فضلها ومنتهى عليّ قدرها على ما لك من سعة العلم وإحاطة الفكر وعظيم المواهب.
ولما ثبتت عظمتها بالتنبيه على أنها أهل لأن يسأل عن خصائصها، قال مستأنفاً: ﴿ليلة القدر *﴾ أي التي خصصناها بإنزالنا له فيها ﴿خير من ألف شهر *﴾ أي خالية عنها أو العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وذلك ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، قالوا: وهي مدة ملك بني أمية سواء، وتسميتها بذلك لشرفها ولعظيم قدرها، أو لأنه يفصل فيها من أم الكتاب مقادير الأمور، فيكتب فيها عن الله حكم ما يكون من تلك الليلة إلى مثلها من العام المقبل، من قولهم: قدر الله على هذا الأمر يقدره قدراً، أي قضاه، وهي الليلة المرادة في سورة الدخان بقوله تعالى: ﴿فيها يفرق كل أمر حكيم﴾ [الدخان: ٤] وذكر الألف إما للمبالغة بنهاية مراتب العدد ليكون أبلغ من السبعين في تعظيمها أو لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر شخصاً من مؤمني بني إسرائيل لبس السلاح مجاهداً في سبيل الله ألف شهر، فعجب المؤمنون منه فتقاصرت إليهم أعمالهم، فأعطاهم الله سبحانه وتعالى ليلة من قامها


الصفحة التالية
Icon