بالمعاصي من أكل السحت من الربا وغيره من الكبائر والتسويف بالتوبة، فألفت ذلك أبدانهم فأشربته قلوبهم حتى تراكم ظلامها، وتكاثف رينها وغمامها، فلما دعوا لم يكن عندهم شيء من نور تكون لهم به قابلية الانقياد للدعاء.
ولما كان حال من ضل على علم أشنع، زاد في فضيحتهم فقال: ﴿وما﴾ أي فعلوا ذلك والحال أنهم ما. ولما كان المقصود بروز الأمر المطاع، لا تعيين الآمر، قال بعد وصف الصحف بأنه ثبت أنها قيمة بانياً للمفعول: ﴿أمروا﴾ أي وقع أمرهم بما أمروا به ممن إذا أطلق الأمر لم يستحق أن ينصرف إلا إليه، في تلك الكتب التي وجب ثبوت اتباعها وأذعنوا له ﴿إلا ليعبدوا﴾ أي لأجل أن يعبدوا ﴿الله﴾ أي الإله الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد غيره بأن يوجدوا عبادته ويجددوها في كل وقت، والعبادة امتثال أمر الله تعالى كما أمر على الوجه المأمور به من أجل أنه آمر، مع المبادرة بغاية الحب والخضوع والتعظيم، وذلك مع الاقتصاد لئلا يمل الإنسان فيخل أو يحصل له الإعجاب فتفسد عبادته، حال كونهم ﴿مخلصين﴾ أي ثابتاً غاية الثبات إخلاصهم ﴿له الدين﴾ بحيث لا يكون فيه شوب شيء مما يكدره من شرك جلي ولا خفي بأن


الصفحة التالية
Icon