مضى في قوله مؤكداً لأجل إنكارهم: ﴿إن الذين كفروا﴾ أي وقع منهم الستر لمرائي عقولهم بعد صرفها للنظر الصحيح فضلوا واستمروا على ذلك وإن لم يكونوا عريقين فيه ﴿من أهل الكتاب﴾ أي اليهود والنصارى ﴿والمشركين﴾ أي العريقين في الشرك، ودل بالإتيان بالوصف هنا والفعل في أولئك - والله أعلم - على أن المشرك يرجع عن شركه ويؤمن إن لم يكن عريقاً في الشرك بخلاف أهل الكتاب متى تلبس أحد منهم بكفر لا يرجع عنه وإن كان تلبسه به على أضعف الوجوه، وكذا كل من ينسب إلى علم ولا سيما إن كان بليداً متى عرضت له شبهة بعد رجوعه عنها، فلذلك جمع بينهم في قوله: ﴿في نار جهنم﴾ أي النار التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة تكون عذاباً لأجسامهم ﴿خالدين فيها﴾ أي يوم القيامة أو في الحال لسعيهم في موجباتها، واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب التساوي في النوع بل يختلف بحسب اشتداد الكفر وخفته.
ولما كان معظم السياق للعبادة والترغيب فيها من القراءة والسجود والانفكاك عن الكفر، لم يذكر التأبيد بلفظه، بل اكتفى بما دل عليه وقال في نتيجة ما مضى: ﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿هم﴾ أي خاصة بما لضمائرهم من الخبث ﴿شر البرية *﴾ أي الخليقة الذين أهملوا


الصفحة التالية
Icon