المعروف، والمفارقة للحال المألوف، أكد معنى الخلود تعظيماً لجزائهم بقوله: ﴿أبداً﴾.
ولما كان هذا كله ثمرة الرضا، وكان التصريح به أقر للعين لأنه جنة الروح، قال مستأنفاً أو معللاً: ﴿رضي الله﴾ أي بما له من نعوت الجلال والجمال ﴿عنهم﴾ أي بما كان سبق لهم من العناية والتوفيق. ولما كان الرضا إذا كان من الجانبين، كان أتم وأعلى لهم قال: ﴿ورضوا عنه﴾ لأنهم لم يبق لهم أمنية إلا أعطاهموها مع علمهم أنه متفضل في جميع ذلك، لا يجب عليه لأحد شيء ولا يقدره أحد حق قدره، فلو أخذ الخلق بما يستحقونه أهلكهم، وأعظم نعمه عليهم ما منّ عليهم به من متابعتهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن ذلك كان سبباً لكل خير.
ولما كان ذلك ربما ادعى أنه لناس مخصوصين في زمان مخصوص، قال معمماً له ومنبهاً على الوصف الذي كان سبب أعمالهم التي كانت سبب جزائهم: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي الذي جوزوا به ﴿لمن خشي ربه *﴾ أي خاف المحسن إليه خوفاً يليق به، فلم يركن إلى التسويف والتكاسل، ولم يطبع نفسه بالشر بالجري مع الهوى في التطعم بالمحرمات بل كان ممن


الصفحة التالية
Icon