تلك مقرراً لأشرف خلقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن ذلك أعظم في تقدير اتباعه وأقعد في تحريك النفوس إلى تلقي الخبر بالقبول: ﴿هل أتاك﴾ أي جاءك وكان لك وواجهك على وجه الوضوح يا أعظم خلقنا ﴿حديث الغاشية *﴾ أي القيامة التي تغشي الناس بدواهيها وشدائدها العظمى وزواجرها ونواهيها، فإن الغشي لا يكون إلا فيما يكره.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما تقدم تنزيهه سبحانه عما توهم الظالمون، واستمرت آي السورة على ما يوضح تقدس الخالق جل جلاله عن عظيم مقالهم، أتبع ذلك بذكر الغاشية بعد افتتاح السورة بصورة الاستفهام تعظيماً لأمرها، فقال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هل أتاك» يا محمد «حديث الغاشية» وهي القيامة، فكأنه سبحانه وتعالى يقول: في ذلك اليوم يشاهدون جزاءهم ويشتد تحسرهم حين لا يغني عنهم، ثم عرف بعظيم امتحانهم في قوله: ﴿ليس لهم طعام إلا من ضريع﴾ مع ما بعد ذلك وما قبله، ثم عرف بذكر حال من كان في نقيض حالهم إذ ذلك أزيد في الفرح وأدهى، ثم أردف بذكر ما نصب من الدلائل وكيف لم يغن فقال: ﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾ - الآيات، أي أفلا يعتبرون بكل ذلك ويستدلون بالصنعة على الصانع ثم أمره بالتذكار - انتهى.
ولما هول أمرها بانبهامها وعمومها، زاد في التهويل بما ذكر من