لا كما كان يتفق قبل ذلك من زلزلة بعضها دون بعض وعلى وجه دون ذلك، وعظم هذا الزلزال وهوّله بإبهامه لتذهب النفس فيه كل مذهب، فقال كاسراً الزاء لأنه مصدر، ولو فتحها لكان اسماً للحركة، قال البيضاوي: وليس إلا في المضاعف. ﴿زلزالها *﴾ أي تحركها واضطرابها الذي يحق لها في مناسبته لعظمة جرم الأرض وعظمة ذلك اليوم، ولو شرح بما يليق به لطال الشرح، وذلك كما تقول: أكرم التقي إكرامة وأهن الفاسق الشقي إهانة، أي على حسب ما يليق به.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: وردت عقب سورة البرية ليبين بها حصول جزاء الفريقين ومآل الصنفين المذكورين في قوله: ﴿إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين﴾ - إلى قوله: ﴿أولئك شر البرية﴾ وقوله: ﴿إن الذين آمنوا﴾ - إلى آخر السورة. ولما كان حاصل ذلك افتراقهم على صنفين ولم يقع تعريف بتباين أحوالهم، أعقب ذلك بمآل الصنفين واستيفاء جزاء الفريقين المجمل ذكرهم فقال تعالى: ﴿يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم﴾ إلى آخر السورة - انتهى.


الصفحة التالية
Icon