أنه جوزي به في الدنيا أو أنه أحبط لبنائه على غير أساس الإيمان، فهو صورة بلا معنى ليشتد ندمه ويقوى حزنه وأسفه، والمؤمن يراه ليشتد سروره به.
ولما ذكر الخير، أتبعه ضده فقال: ﴿ومن يعمل﴾ أي كائناً من كان ﴿مثقال ذرة شراً﴾ أي من جهة الشر ﴿يره﴾ فما فوقه، فالمؤمن يراه ويعلم أنه قد غفر له ليشتد فرحه، والكافر يراه فيشتد حزنه وترحه، والذرة النملة الصغيرة أو الهباءة التي ترى طائرة في الشعاع الداخل من الكوة، وقد رجع آخرها على أولها بتحديث الأخبار وإظهار الأسرار، وقد ورد في حديث الأعرابي أن هذه السورة جامعة لهذه الآية الأخيرة، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إنها أحكم آية في القرآن، وكان رسول الله عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسميها الفاذة الجامعة، ومن فقه ذلك لم يحقر ذنباً وإن دق لأنه يجتمع إلى أمثاله فيصير كبيراً كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة رضي الله عنها: «إياك ومحقرات الذنوب، فإن لها من الله طالباً» وروي كما ذكرته في كتابي «مصاعد النظر في الإشراف على مقاصد السور» في حديث «


الصفحة التالية
Icon