ولما كان المخوف إنما هو ما يتأثر عن البعث من الجزاء على الأعمال الفاسدة قال: ﴿وحصل﴾ أي أخرج وميز وجمع فعرف أنه معلوم كله بغاية السهولة كما أشار البناء للمفعول ﴿ما في الصدور *﴾ أي من خير أو شر مما يظن مضمره أنه لا يعلمه أحد أصلاً، وظهر مكتوباً في صحائف الأعمال، وهذا يدل على أن النيات يحاسب بها كما يحاسب على ما يظهر من آثارها.
ولما كان علم ما في الصدور أمراً باهراً للعقل، قال جامعاً نظراً إلى المعنى لما عبر عنه بالإفراد بالنظر إلى اللفظ، لأن العلم بالكل يلازمه العلم بالبعض بخلاف العكس مؤكداً إشارة إلى أنه مما لا يكاد يصدق، معللاً للجملة المحذوفة الدالة على الحساب: ﴿إن ربهم﴾ أي المحسن إليهم بخلقهم وزرقهم وتربيتهم وجعلهم أقوياء سويين ﴿بهم﴾ قدم هذا الجار والمجرور لا للاختصاص، بل للاشارة إلى نهاية الخبر. ولما كانت الخبرة للإحاطة بالشيء ظاهراً وباطناً، وكان يلزم من الخبرة بالشيء بعد كونه بمدد طوال الخبرة به حال كونه من باب الأولى قال: ﴿يومئذ﴾ أي إذ كانت هذه الأمور وهو يوم القيامة ﴿لخبير *﴾ أي محيط بهم من جميع الجهات عالم غاية العلم ببواطن أمورهم، فكيف


الصفحة التالية
Icon