بأنه مهما خطر ببالك من عظمها فهي أعظم منه فقال: ﴿وما أدراك﴾ أي وأيّ شيء أعلمك وإن بالغت في التعرف، وأظهر موضع الإضمار لذلك فقال: ﴿ما القارعة *﴾ أي أنك لا تعرفها لأنك لم تعهد مثله.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما قال الله سبحانه وتعالى: «أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور» كان ذلك مظنة لأن يسأل: متى ذلك؟ فقيل: يوم القيامة الهائل الأمر، الفظيع الحال، الشديد البأس، والقيامة هي القارعة، وكررت تعظيماً لأمرها كما ورد في قوله تعالى ﴿الحاقة ما الحاقة﴾ [الحاقة: ١ - ٢] وفي قوله سبحانه: ﴿فغشيهم من اليم ما غشيهم﴾ [طه: ٧٨] ثم زاد عظيم هوله إيضاحاً بقوله تعالى ﴿يوم يكون الناس كالفراش المبثوث﴾ والفراش ما تهافت في النار من البعوض، والمبثوث: المنتشر ﴿وتكون الجبال كالعهن المنفوش﴾ والعهن: الصوف المصبوغ، وخص لإعداده للغزل إذ لا يصبغ لغيره بخلاف الأبيض فإنه - لا يلزم فيه ذلك، ثم ذكر حال الخلق في وزن الأعمال وصيرورة كل فريق إلى ما كتب له وقدر - انتهى.
ولما ألقى السامع جميع فكره إلى تعرف أحوالها، قال ما تقديره: تكون ﴿يوم يكون﴾ أي كوناً كأنه جبلة ﴿الناس﴾ أي الذين حالهم