فتراها لذلك متطايرة في الجو كالهباء المنثور حتى تعود الأرض كلها لا عوج فيها ولا أمتاً.
ولما كان اليوم إنما يوصف لأجل ما يقع فيه، سبب عن ذلك قوله مفصلاً لهم: ﴿فأما من ثقلت﴾ أي بالرجحان. ولما كانت الموزونات كثيرة الأنواع جداً، جمع الميزان باعتبارها فقال: ﴿موازينه *﴾ أي مقادير أنواع حسناته باتباع الحق لأنه ثقيل في الدنيا واجتناب الباطل، والموزون الأعمال أنفسها تجسداً وصحائفها ﴿فهو﴾ بسبب رجحان حسناته ﴿في عيشة﴾ أي حياة تتقلب فيها، ولعله ألحقها الهاء الدالة على الوحدة - والمراد العيش - ليفهم أنها على حالة واحدة - في الصفاء واللذة وليست ذات ألوان كحياة الدنيا ﴿راضية *﴾ أي ذات رضى أو مرضية لأن أمه - جنة عالية ﴿وأما من خفت﴾ أي طاشت ﴿موازينه *﴾ أي بأن غلبت سيئاته أو لم تكن له حسنة لاتباعه الباطل وخفته عليه في الدنيا ﴿فأمه﴾ أي التي تؤويه وتضمه إليها كما يقال للأرض: أم - لأنها تقصد لذلك، ويسكن إليها كما يسكن إلى الأم، وكذا المسكن، وهو يفهم أنه مخلوق منها غلب عليه طبع الشيطان لكون العنصر الناري أكثر أجزائه، وعظمها بالتنكير والتعبير بالوصف المعلم بأنه لا قرار لها فقال: ﴿هاوية *﴾ أي نار نازلة سافلة جداً فهو بحيث لا يزال يهوي فيها نازلاً وهو في عيشة ساخطة، فالآية من الاحتباك، ذكر العيشة أولاً دليلاً على حذفها ثانياً، وذكر