هو إنسان فقال ﴿والعصر إن الإنسان لفي خسر﴾ فالقصور شأنه، والظلم طبعه، والجهل جبلته، فيحق أن يلهيه التكاثر، ولا يدخل الله عليه روح الإيمان ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ إلى آخرها، فهؤلاء الذين
﴿لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله﴾ [النور: ٣٧] انتهى.
ولما كان الحكم على الجنس حكماً على الكل لأنهم ليس لهم من ذواتهم إلا ذلك، وكان فيهم من خلصه الله سبحانه وتعالى مما طبع عليه الإنسان بجعله في أحسن تقويم، وحفظه عن الميل مع ما فيه من النقائص، استثناهم سبحانه وتعالى لأنهم قليل جداً بالنسبة إلى أهل الخسر فقال دالاًّ بالاستثناء على أن النفوس داعية إلى الشر مخلدة إلى البطالة واللهو، فالمخلص واحد من ألف كما في الحديث الصحيح ﴿إلا الذين آمنوا﴾ أي أوجدوا الإيمان وهو التصديق بما علم بالضرورة مجيء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به من توحيده سبحانه وتعالى والتصديق بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولعل حكمة التعبير بالماضي الحث على الدخول في الدين ولو على أدنى الدرجات، والبشارة لمن فعل ذلك بشرطه بالنجاة من الخسر.


الصفحة التالية
Icon