كونك أعلم الخلق ﴿ما الحطمة﴾ أي ما الدركة النارية التي سميت هذا الاسم لهذه الخاصية فإنه ليس في الوجود الذي شاهدتموه ما يقاربها ليكون مثالاً لها، ثم فسرها بقوله: ﴿نار الله﴾ أي الملك الأعظم الذي عدل المشركون عنه إلى شركائهم، فعظمة هذه النار من عظمته، وانتقامه من نقمته ﴿الموقدة *﴾ أي التي وجد وتحتم إيقادها بإيقاده، ومن الذي يطيق محاولة ما أوقده؟ فهي لا يزال لها هذا الاسم ثابتاً.
ولما وصف الهامز الهازم، وصف الحاطم فقال تعالى: ﴿التي﴾ ولما كان لا يطلع على أحوال الشيء إلا من قبله علماً قال: ﴿تطلع﴾ اطلاعاً شديداً ﴿على الأفئدة *﴾ جمع فؤاد وهو القلب الذي يكاد يحترق من شدة ذكائه، فكان ينبغي أن يجعل ذكاءه في أسباب الخلاص، واطلاعها عليه بأن تعلو وسطه وتشتمل عليه اشتمالاً بالغاً، سمي بذلك لشدة توقده، وخص بالذكر لأنه ألطف ما في البدن وأشده تألماً بأدنى شيء من الأذى، ولأنه منشأ العقائد الفاسدة ومعدن حب المال الذي هو منشأ الفساد والضلال، وعنه تصدر الأفعال القبيحة.


الصفحة التالية
Icon