﴿ألم تر﴾ أي تعلم علماً هو في تحققه كالحاضر المحسوس بالبصر، وذلك لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن لم يشهد تلك الوقعة فإنه شاهد آثارها، وسمع بالتواتر مع إعلام الله له أخبارها، وخصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إعلاماً بأن ذلك لا يعلمه ويعمل به إلا هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن وفقه الله الحسن اتباعه، لما للإنسان من علائق النقصان، وعلائق الحظوظ والنسيان، وقرىء «تر» باسكان الراء، قالوا جداً في إظهار أثر الجازم، وكان السر في هذه القراءة الإشارة إلى الحث في الإسراع بالرؤية إيماء إلى أن أمرهم على كثرتهم كان كلمح البصر، من لم يعتن به ويسارع إلى تعمده لا يدركه حق إدراكه.
ولما كان للناظر في الكيفية من التدقيق والوقوف على التحقيق في وجوه الدلالات على كمال علم الله وقدرته وإعزاز نبيه بالإرهاص لنبوته والتمكين لرسالته لتعظيم بلده وتشريف قومه ما ليس للناظر إلى مطلق الفعل قال: ﴿كيف﴾ دون أن يقول: ما ﴿فعل﴾ أي فعل من له أتم داعية إلى ذلك الفعل، وفعل الرؤية معلق عن «كيف» لما فيه من معنى الاستفهام فلا يتقدم عامله عليه، بل ناصبه فعل، وجملة الاستفهام في موضع نصب بالفعل المعلق ﴿ربك *﴾ أي المحسن إليك


الصفحة التالية
Icon