مكره ولو كان الخصم أقل عباده، لم يخطر للحبشة ما وقع لهم أصلاً ولا خطر لأحد سواهم أن طيوراً تقتل جيشاً دوّخ الأبطال ودانت له غلب الرجال، يقوده ملك جبار كتيبته في السهل تمشي ورجله على القاذفات في رؤوس المناقب.
ولما كان التقدير: فمنعهم من الدخول إلى حرم إبراهيم عليه الصلاة والسلام فضلاً عن الوصول إلى بلده الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عطف عليه أو على «يجعل» معبراً بالماضي لأنه بمعناه وهو أصرح والتعبير به أقعد قوله؛ ﴿وأرسل﴾ وبين أنه إرسال عذاب بقوله: ﴿عليهم﴾ أي خاصة من بين من كان هناك من كفار العرب، وأشار إلى تحقيرهم وتخسيسهم عن أن يعذبهم بشيء عظيم لكونهم عظموا أنفسهم وتجبروا على خالقهم بالقصد القبيح لبيته فقال تعالى معلماً بأنه سلط عليهم ما لا يقتل مثله في العادة: ﴿طيراً﴾ وهو اسم جمع يذكر على اللفظ، ويؤنث على المعنى، وقد يقع على الواحد، ولذلك قال مبيناً الكثرة ﴿أبابيل *﴾ أي جماعات كثيرة جداً متفرقة يتبع بعضها بعضاً من نواحي شتى فوجاً فوجاً وزمرة زمرة، أمام كل فرقة منها طير يقودها أحمر المنقار أسود الرأس طويل العنق، قال أبو عبيدة: يقال: جاءت


الصفحة التالية
Icon