وتشريف الوجود بوجوده، ويكون ذلك ظاهراً كما كان السبب - الذي هو وجوده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظاهراً، وإلى أن وسطه يكون بنبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويكون ذلك باطناً كما أن السبب - وهو الوحي باطن، ثم كان أمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في السنة الثامنة الموازية لعدد كلمات البسملتين على يد النجاشي ملك الحبشة الذين كان الأمن أولاً بإهلاكهم، وإذا ضممت إليها أحد عشر ضميراً - سبعة في الفيل وأربعة في قريش - كانت تسعاً وخمسين توازيها إذا حسبت من المولد سنة ست من الهجرة، وفيها كانت عمرة الحديبية وهي الفتح السببي الخفي، وإلى ذلك أشار صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله في بروك ناقته الشريفة حين بركت فقالت الصحابة رضي الله تعالى عنهم: خلأت القصوى - أي حرنت:
«ما خلأت ولكن حبسها حابس الفيل» وفيها نزلت سورة الفتح، فكان سبب الأمن العظيم والغنى، وعقبها في سنتها كان البعث إلى ملوك الأمصار، وفتح خيبر وانبساط ذكر الإسلام في جميع الأقطار، وكذا كان عقبها قبل عمرة القضية إسلام عمرو بن العاص على يد النجاشي لما سأله أن يعطيه عمرو بن أميه الضمري رضي الله عنه