بالجزاء الحامل على معالي الأخلاق الناهي عن مساوئها، وعجب ممن يكذب بالجزاء مع وضوح الدلالة عليه بحكمة الحكيم، ووصف المكذب به بأوصاف هم منها في غاية النفرة، وصوّره بأشنع صورة بعثاً لهم على التصديق وزجراً عن التكذيب، فقال خاصاً بالخطاب رأس الأمة إشارة إلى أنه لا يفهم هذا الأمر حق فهمه غيره: ﴿أرأيت﴾ أي أخبرني يا أكمل الخلق ﴿الذي يكذب﴾ أي يوقع التكذيب لمن يخبره كائناً من كان ﴿بالدين *﴾ أي الجزائي الذي يكون يوم البعث الذي هو محط الحكمة وهو غاية الدين التكليفي الآمر بمعالي الأخلاق الناهي عن سيئها، ومن كذب بأحدهما كذب بالآخر: ولما كان فعل الرؤية بمعنى أخبرني، المتعدي إلى مفعولين، كان تقدير المفعول الثاني: أليس جديراً بالانتقام منه.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما تضمنت السور المتقدمة من الوعيد لمن انطوى على ما ذكر فيها مما هو جارٍ على حكم الجهل والظلم الكائنين في جبلة الإنسان ما تضمنت كقوله: ﴿إن الإنسان لربه لكنود﴾ ﴿إن الإنسان لفي خسر﴾ ﴿يحسب أن ماله أخلده﴾ وانجر أثناء ذلك مما تثيره هذه الصفات الأولية ما ذكر فيها أيضاً كالشغل