الحال أو الاستقبال مراداً به ما يشمل الماضي لما ذكر أبو حيان وغيره في سورة الحج عند ﴿إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله﴾ [الحج: ٢٥] من أنه يطلق المضارع مراداً به مجرد إيقاع الفعل من غير نظر إلى زمان معين، فقال: ﴿ما أعبد *﴾ أي وجدت مني عبادته واتصفت بها الآن وفي ماضي الزمان ومستقبله اتصافاً يعتد به.
ولما كان ذلك كله، وبدأ النفي في الجمل السابقة بالمنسوب إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيذاناً بالاهتمام ببراءته منهم، أنتج قطعاً مقدماً لما يتعلق بهم على وجه اختصاصهم به تأكيداً لما صرح به ما مضى من براءته منهم: ﴿لكم﴾ أي خاصة ﴿دينكم﴾ أي الذي تعلمون أنه لا أصل له يثبت عليه، ولا دليل يرجع بوجه إليه، لا أشارككم فيه بوجه ولا ترجعون عنه بوجه بل تموتون عليه موتاً لبعضكم حتف الأنف والآخرين قتلاً على يدي بالسيف ﴿ولي﴾ أي خاصة ﴿دين *﴾ من واسع روضة الإسلام إلى أعلى مقام: مقام الإيقان والإحسان، وأنتم تعلمون - لو جردتم عقولكم عن الهوى وأخلصتم أفكاركم من الحمية والإبا - أنه كله دليل وفرقان ونور وحجة وبرهان، لا تشاركونني فيه بوجه، ولا تقدرون على ردّي عنه أصلاً، فكانت هذه علماً