إليه ثم بكونها إلى الاسم الأعظم إلى أن المراد أعلاها، صرح به فقال: ﴿والفتح *﴾ أي المطلق الصالح لكل فتح الذي نزلت فيه سورته بالحديبية مبشرة له بغلبة حزبه الذين أنت قائدهم وهاديهم ومرشدهم، لا سيما على مكة التي بها بيته ومنها ظهر دينه، وبها كان أصله، وفيها استقر عموده، وعز جنوده، فذل بذلك جميع العرب، وقالوا: لا طاقة لنا بمن أظفره الله بأهل الحرم، فعزوا بهذا الذل حتى كان ببعضهم تمام هذا الفتح، ويكون بهم كلهم فتح جميع البلاد، وللإشارة إلى الغلبة على جميع الأمم ساقه تعالى في أسلوب الشرط، ولتحققها عبر عنه ب ﴿إذا﴾ إعلاماً بأنه لا يخلف الوعد ولا ينقص ما قدره وإن توهمت العقول أنه فات وقته، وإيذاناً بأن القلوب بيده يقلبها كيف يشاء ليحصل لمن علم ذلك الإخلاص والخوف والرجاء، فأشعرت العبارة بأن الوقت قد قرب، فكان المعنى: فكن مترقباً لوروده ومستعداً لشكره.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما كمل دينه واتضحت شريعته واستقر أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدى أمانة رسالته حق أدائها عرف عليه صلى الله عليه الصلاة والسلام نفاد عمره وانقضاء أجله، وجعلت له على ذلك


الصفحة التالية
Icon