إنما هو بحول الله، لا بكثرة مع معه من الجمع، وإنما جعلهم سبباً لطفاً منه بهم، ولذلك نبه من ظن منهم أو هجس في خاطره أن للجمع مدخلاً بما وقع من الهزيمة في حنين أولاً، وما وقع بعد من النصرة بمن ثبت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم لا يبلغون ثلاثين نفساً ثانياً، فالتسبيح الذي هو تنزيه عن النقص إشارة إلى إكماله الدين تحقيقاً لما كان تقدم به وعده الشريف.
والاستغفار إشارة إلى أن عبادته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي هي أعظم العبادات قد شارفت الانقضاء، ولا يكون ذلك إلا بالموت، فلذلك أمر بالاستغفار لأنه يكون في خاتمة المجالس والأعمال جبراً لما لعله وقع فيها على نوع من الوهن واعترافاً بذل العبودية والعجز.
ولما أمر بذلك فأرشد السياق إلى أن التقدير: وتب إليه، علله مؤكداً لأجل استبعاد من يستبعد مضمون ذلك من رجوع الناس في الردة ومن غيره بقوله: ﴿إنه﴾ أي المحسن إليك غاية الإحسان بخلافته لك في أمتك، ويجوز أن يكون التأكيد لأجل دلالة ما تقدم من ذكر الجلالة مرتين على غاية العظمة والفوت عن الإدراك