الضمير المستتر في ﴿فسبح﴾، ولما كان الخبر في الرابعة بأجلاء بني النضير وإخلاف قريش للوعد في بدر جبناً وعجزاً حيث وفى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه رضي الله تعالى عنهم شجاعة وقوة بحول الله وانقلبوا، منها بنعمة من الله وفضل لم يمسهم سوء، أشار إلى ذلك الكاف في ﴿ربك﴾ ولما كان في الخامسة غزوة الأحزاب أشار إليها المستتر في ﴿واستغفره﴾ ولما كان في السادسة عمرة الحديبية التي سماها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتحاً، أنزل الله فيها سورة الفتح لكونها كانت سبباً للفتح، فكان ذلك علماً من أعلام النبوة، ولبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها إلى الملوك يدعوهم إلى الله تعالى أشار إلى ذلك الضمير البازر في ﴿واستغفره﴾ وأكد قوته كونه للرب تعالى، ولما كان في السابعة غزوة خيبر وعمرة القضاء أشار إليها الضمير الظاهر في ﴿إنه﴾ ولما كان ضمير ﴿كان﴾ لله، وكان له سبحانه حضرتان: حضرة غيب وبطون، وحضرة شهادة وظهور، وكانت حضرة الغيب هي حضرة الجلال والكبرياء والعظمة والتعالي، وحضرة الشهادة حضرة التنزل بالأفعال والاستعطاف بالأقوال، كانت الحضرتان للنصر، وكانت حضرة الغيب أعظمهما نصراً وأشدهما أزراً، فلذلك كان ضمير الاستتار دالاًّ على الفتح الأكبر بالانتصار على السكان والديار بسطوة الواحد القهار، على أنا إذا نظرنا إليه من حيث كونه جائز البروز كان البارز فله حكمه - فسبحان من شمل علمه، ودقت حكمته فنفذ حكمه.