وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: هذه السورة وإن نزلت على سبب خاص وفي قصة معلومة فهي مع ما تقدمها واتصل بها في قوة أن لو قيل: قد انقضى عمرك يا محمد، وانتهى ما قلدته من عظيم أمانة الرسالة أمرك، وأديت ما تحملته وحان أجلك، وأمارة ذلك دخول الناس في دين الله أفواجاً، واستجابتهم بعد تلكؤهم، والويل لمن عاندك وعدل عن متابعتك وإن كان أقرب الناس إليك. فقد فصلت سورة ﴿قل يا أيها الكافرون﴾ بين أوليائك وأعدائك، وبان بها حكم من اتبعك من عاداك، ولهذا سماها عليه الصلاة والسلام المبرئة من النفاق، وليعلم كفار قريش وغيرهم أنه لا اعتصام لأحد من النار إلا بالإيمان، وأن القرابات غير نافعه ولا مجدية شيئاً إلا مع الإيمان ﴿لكم دينك ولي دين﴾ ﴿أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون﴾ [يونس: ٤١]، ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ [التوبة: ٧١] وههنا انتهى الكتاب بجملته - انتهى.
ولما كان ربما خص التباب بالهلاك، وحمل على هلاك اليدين حقيقة، وكان الإنسان لا يزول جميع منفعته بفوات يديه وإن كان قد يعبر بهما عن النفس، قال مصرحاً بالمقصود: ﴿وتب﴾ أي هو بجملته بتمام الهلاك والخسران، فحقق بهذا ما أريد من الإسناد إلى اليدين


الصفحة التالية
Icon