كل ذلك خلقه واختراعه، وقد كان سبحانه وتعالى ولا عالم ولا زمان ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا يفتقر إلى أحد ولا يحتاج إلى معين، ولا يتقيد بالزمان، ولا يتحيز بالمكان، فالحمد لله رب العالمين، أهل الحمد ومستحقه مطلقاً، له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه المصير ﴿قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد﴾ هو الموجود الحق، وكلامه الصدق، ﴿وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب والدار الآخرة خير للذين يتقون﴾ [العنكبوت: ٦٤] فطوبى لمن استوضح آي كتاب الله، وأتى الأمر من بابه وعرف نفسه ودنياه، وأجاب داعي الله ولم ير فاعلاً في الوجود حقيقة إلا هو سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين، ولما كمل مقصود الكتاب، واتضح عظيم رحمة الله به لمن تدبر واعتبر وأناب، كان مظنة الاستعاذة واللجأ من شر الحاسد وكيد الأعداء فختم بالمعوذتين من شر ما خلق وذرأ وشر الثقلين - انتهى.
ولما تم البيان لهويته سبحانه وتعالى على هذا الوجه الذي أنهاه بالأحدية المعلمة بالتنزه عن القسمة والنظير، وكان بيان القرآن بالغاً أقصى نهايات البيان، وكان الأحد من النعوت المتوغلة في السلب، وكانت الشركة تقع في التعبير به في النفي وهو بمعناه الحقيقي وتقع