محال، لأنه سبحانه صمد، فكان ذاك بياناً للصمدية في كلا معنييها، فقال من غير عاطف دالاًّ على انتفاء الجوف الذي هو أحد مدلولي «صمد» مكاشفاً للعقلاء شارحاً لأنه لا يساويه شيء من نوع يتولد عنه ولا جنس يولد هو عنه، ولا غير ذلك يوازيه في وجود ولا غيره ﴿لم يلد﴾ أي يصح ولم ينبغ بوجه من الوجوه أن يقع تولد الغير عنه مرة من المرات، فكيف بما فوقها لأن ذلك مستلزم للجوف وهو صمد لا جوف له، لأن الجوف من صفات النفس المستلزم للحاجة وهو مستغن بدوامه في أبديته عمن يخلفه أو يعينه لامتناع الحاجة والفناء عليه، فهو رد على من قال: الملائكة بنات الله أو عزير أو المسيح أو غيره.
ولما بين أنه لا فصل له، ظهر أنه لا جنس له، فدل عليه بقوله: ﴿ولم يولد﴾ لأنه لو تولد عنه غيره تولد هو عن غيره كما هو المعهود والمعقول، فهو قديم لا أول له بل هو الأول الذي لم يسبقه عدم، أن الولادة لا تكون ولا تتشخص إلا بواسطة المادة وعلاقتها، وكل ما كان مادياً أو كان له علاقة بالمادة، كان متولداً عن غيره فكان لا يصح أن يتولد عنه شيء لأنه لا يصح أن يكون هو متولداً