من هذه الأدلة المشهورة، والبراهين القاطعة المنصورة، وقد ثبت أنه صمد بما دل على أحد معنييه الذي هو انتفاء الجوفية بعدم التولد، وعلى المعنى الآخر الذي هو بلوغ المنتهى من السيادة بعدم المكافىء فبان أنه هو لذاته فلا إله غيره، فانطبق آخرها على أولها، والتحم أيّ التحام مفصلها بموصلها، فعلم أنه هو هو لا غيره بزيادة أنه الأحد ولا أحد حقاً غيره، ومن تحقق آخرها أقبل بكليته إليه سبحانه، فلم يلتفت إلى غيره لأن الكل في قبضته، وقد نقلت في كتابي مصاعد النظر عن الإحياء للإمام الغزالي رحمة الله تعالى عليه في شيء من أسرار هذه السورة كلاماً هو في غاية النفاسة.
وروى الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: قل هو الله أحد إلى آخرها، قال: لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وأن الله تعالى لا يموت ولا يورث، ولم يكن له كفواً أحد - انتهى. ومن كان كذلك فهو الجامع للأسماء الحسنى والصفات العلى كلها، وعلم أن حاصلها تنزيه المعبود عن أن يكون له مجانس، أو يكون له مكافىء، والرد على كل من يخالف في شيء من ذلك، وأعظم مقاصد آل عمران المناظرة لها