السورة على وجازتها قد اشتملت على جميع المعارف الإلهية والرد على من ألحد فيها، ولأجل أن هذا هو المقصود بالذات الذي يتبعه جميع المقاصد عدلت في بعض الأقوال بجميع القرآن، وحاصل شرح هذه السورة العظمى أنه سبحانه وتعالى دل على الذات الأقدس بالهوية، وعبر عنها بالضمير إشارة إلى نفي الماهية التي غلظ أو غالط فيها الكفور الأعظم فرعون - لعنة الله عليه وعلى أتباعه أهل الإلحاد، وأنصاره وأشياعه من أهل الاتحاد، ودل على ذلك بالاسم الأعظم المجمع عليه ودل عليه بالوحدة الجامعة للغنى، النافية للكثرة الموجبة لحاجة، ودل عليها بالصمدية النافية للجوفية المثبتة للسيادة الخفية، ودل على أول معنييها بانتفاء الولادة منه وله، الدالان على نفي الجنس للقوم والفصل المقسم، ودل على الثاني بعدم المكافىء، ودل على هذا العدم بأفعاله العظيمة المشاهدة التي أشار قطعاً ترتيب السور بما انتهى إليه وضع هذه السورة في هذا الموضع إلى استحضارها.
وتأمل ما كان منها من تربية هذا الدين بنصر نبيه الذي أرسله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإقامته، وسلط الكافرين - وهم ملء الأرض - على أذاه، وجعل أعظمهم له أذى أقربهم إليه نسباً عمه أبا لهب الذي كان يتبعه في تلك المشاهد والقبائل، ويلزمه في تلك المواسم والمعاهد والمحافل، يصرح بتكذيبه كلما دعى الناس إلى الحق، ويواجه بما هو أشد الأشياء على النفس كراهة وأشق، فكانت تلك الشهرة عين الرفعة


الصفحة التالية
Icon