غير تعليق قدرته على حسب إرادته بالفصل بين الخلق، ولو غاب في وقت أو أمكنت غيبته بحيث يحتاج إلى المجيء لكان محتاجاً، ولو كان محتاجاً لكان عاجزاً، ولو عجز أو أمكن عجزه في حال من الأحوال لم يصلح للالهية - تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوّاً كبيراً، وفي تكرير «صفاً» تنبيه على صرف المجيء عن حقيقته وإرشاد إلى ما ذكرت من التمثيل.
ولما كانت جهنم لا تأتي بنفسها لأنها لو أتت بنفسها لربما ظن أنها خارجة عن القدرة بل تقودها الملائكة، فكلما عالجوها ذهاباً وإياباً حصل للناس من ذلك من الهول ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وكان المهول نفس المجيء بها لا تعيين الفاعلين، لذلك بني للمفعول قوله: ﴿وجاء﴾ أي بأسهل أمر ﴿يومئذ﴾ أي إذ وقع ما ذكر ﴿بجهنم﴾ أي النار التي تتجهم من يصلاها، روي أنه يؤتى بها لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، وهو كقوله تعالى: ﴿وبرزت الجحيم لمن يرى﴾ [النازعات: ٣٦] وأبدل من «إذا» توضيحاً لطول الفصل وتهويلاً قوله: ﴿يومئذ﴾ أي إذ وقعت هذه الأمور فرأى الإنسان ما أعد للشاكرين وما أعد للكافرين.
ولما قدم هذه الأمور الجليلة والقوارع المهولة اهتماماً بها